اندلاع حرب وشيكة بين الأشقاء في الخليج .. القرار المرهون بفشل الفرصة الأخيرة أمام وساطة الكويت
يمنات
عبد الخالق النقيب
حتى الآن ردة الفعل القطرية تفضل عدم الجنوح إلى التصعيد..! غير أنها في اللحظات الحاسمة ستباشر جملة من التدابير لتنجو من حرب لم تختارها هذه المرة. فقد ظلت التصعيدات الخليجية تتسارع ضدها على نحو مخيف..! ولم يعد ممكناً التقليل مما يجري..!
تجميد هوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، وإغلاق الحدود البرية ومنافذ المجالين الجوي والبحري مع الدوحة هو الإجراء الأخير قبل أي حرب معلنة، وإن لم ينجح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في إقناع قيادات المملكة السعودية التي سيلتقيها في الرياض مساء اليوم الثلاثاء، ويعرض عليها مساراً جديداً قادم من الدوحة ضمن جهوده الهادفة إلى احتواء التوتر، فإن احتمالات تفادي اندلاع حرب عسكرية وشيكة بين الأشقاء في الخليج ستكون ضئيلة للغاية، حتى وإن كانت واشنطن تبدوا في تصريحاتها الأولية غامضة ورافضة لأي تطور سياسي أو تصعيد ميداني يضر بمصالحها ويتجاوز حدود المعارك الإعلامية والدبلوماسية، فقد بات من الواضح أن محور “الرياض – أبوظبي” الذي يفرض حصاراً جغرافيا وعزلة سياسية ودبلوماسية ضد قطر سيمضي في تمسكه بخوض مواجهة عسكرية لإضعافها وكسر إرادتها قبل إعادتها إلى بيت الطاعة الخليجي، وفي أقل تقدير تنفيذ التلميحات الصحفية بقرب حصول انقلاب سادس تنفذه عائلة “أل ثاني” بمساندة من “بن زايد وبن سلمان” خصوم “تميم” الأقوياء.
حاولات تطويع الدوحة للدخول تحت مظلة السعودية، مسألة شائكة يقابلها إرث طويل وسجل من الحسابات العنيدة التي تظهر أنه من المستحيل قبول قطر بفرض الوصاية عليها أو التراجع عن سياساتها المستقلة عن الموقف الخليجي العام الدي ترسمه الرياض وليس لأحد أن يخرج عنه، وهو ما ترفض قطر الرضوخ له تحت ظرف التهديد وفرض العقوبات، أو من خلال شن حرب باردة واسعة النطاق بدأت دبلوماسياً وإعلاميا وعلى منصات التواصل والمواقع الإلكترونية.
ما تبقى من تحرك كويتي يقوده أميرها الليلة يعد بحسب مراقبون بمثابة الفرصة الأخيرة لاحتواء نيران الأزمة التي نشبت بين قطر من جهة وثلاث دول خليجية من جهة ثانية، ومن ثم الرهان على الكويت بات ذات أهمية قصوى في محاولة لصد موجة عاتية قد تعصف بكيان مجلس التعاون الخليجي وربما المنطقة، خصوصاً وأن الكويت نجحت في لعب دور الوساطة بين الأشقاء الخليجيين 2014 من خلال رأب الصدع في أزمة سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من الدوحة. وإن كان البعض يرى هذه المرة أنها مستعصية على الحل وتتشابك فيها التعقيدات، بعد أن تجاوزت كل الأزمات السابقة التي عاشتها دول الخليج، ودخلت طوراً جديداً بلغت كسر العظم وبدا على قطر أن تواجهها بكل السبل و التدابير المتاحة قبل أن يتسع التصدع ويصل إلى حالة اللاعودة.
ما يقوم به محور “الرياض – ابوظبي” من تصعيد غير مسبوق، لابد وأن يكون وراءه ما هو أكبر وأعظم مما قد يصفه البعض بمجرد ممارسة الضغط الشديد، بلغة عسكرية هذا العيار يراد منه ما هو أكثر من تأديب الإمارة المشاكسه “دولة قطر”، فمثل هذا الشقاق الضخم له تداعيات كبيرة ستؤثر حتماً في مصير العمل السياسي والأمني والاقتصادي في مجلس التعاون الخليجي.
لم يتطلب الأمر أكثر من اسبوعين منذ زيارة ترامب “الرئيس المشؤوم” للمنطقة، وترأسه العالم العربي والإسلامي، فيرى مراقبون اندلاع موجة التوتر الخليجي القطري هبت من قمم ترامب في الرياض، باعتبار أن مخرجاتها مثلت النقطة التي أفاضت الكأس بين الأشقاء الخليجيين، وتمحور أداء الدول الخليجية المتنافسة لزعامة الأمة العربية والإسلامية حول القرب من الولايات المتحدة وكأن كل طرف يقول لواشنطن “نحن إليك أقرب”، فأطلق ترامب “المجنون” ساعة الصفر لبدء تغيير ميزان القوى في منطقة الخليج وما حولها بسرعم ووتيرة عالية، الأمر الذي يخلق وقائع سياسية جديدة، ويدفع باتجاه تغيير الخارطة والأنظمة في المنطقة، فكان أول ما فعلته المملكة أن رمت بكرة “الإرهاب” على قطر، لتنجو هيَّ من تهمة تصديره وتمويله، وقد تقود هذه التطورات إلى ما تعرضت له السعودية إبان إصدار قانون “جاستا” الأمريكي، ومساعيها الأن في إحداث عملية إرباك شاملة وواسعة لخلط الأوراق خوفاً وهرباً من الالتزامات الدولية التالية..!
في حال فشل الوساطة الكويتية فإن نتائج قمم الرياض ستكون هي بذور تفجير المنظومة الخليجية برمتها، وهي أيضاً من جعل مهاجمة قطر هذه المرة يأخذ شكلاً جديداً غير مألوف في التعامل البيني الخليجي في حالة اندلاع ونشوب أزمات، إذ لم تتوقف الحرب الباردة والإعلامية ضد قطر عند التصريحات المفبركة والبناء عليها، بل تجاوز الأمر لما هو أبعد من ذلك ووصلت حد الخوض والطعن بحكومتها وأميرها ورمزيتها وانتمائها للخليج ووصمها بالخيانة بل وتجريدها من نسبها، وما كان لشيء من هذا أن يحصل لولا وجود ترامب الذي لم تكن إدارته تتوقع أن يكون لرحلته في الرياض تأثيراً فورياً على ديناميات القوى الإقليمية على هذا النحو الحاصل في مشهد التوتر الخليجي القطري..!
فهل سينجح الصباح باعتبارها الفرصة الأخيرة..! في تحريك المخاوف التي تتهدد البيت الخليجي وتعرضه للتفكك والاندثار..؟ سيما وأن تنبؤات وسيناريوهات كارثية ستواجهها، فلا تبدو أزمة سحب السفراء من عواصمه عام 2014 إلا ضربة مُخَفَفَه مقارنة بما يحدث اليوم..!
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا